في هذا الموضوع سنقدم موجز عن مفهوم علم الوراثة والحمض النووي كمدخل بسيط للتعريف اكثر بالمقصود بعلم الوراثة والحمض النووي من حيث تركيبه واوجه الخلاف بينه وبين حمض RNA وايضاً الدراسات الاولى التي اجراها مندل والتي قادت الى اكتشتاف علم الوراثة ومن اراد التوسع في اي عنصر فعلم الوراثة عالم مليء بالمفاجآت والغرائب التي تشهد بقدرة الخالق جلا شأنه, وهذاالموضوع ما هو الا مدخل بسيط فقط.
أولاً مفهوم كلاً من الوراثة والهندسة الوراثية :
علم الوراثة:
هو العلم الذي يبحث في انتقال الصفات الوراثية من الاباء الى الابناء ويرتبط علم الوراثة بجميع فروع علم الأحياء . وتنتقل الصفات الوراثية المتنحية والسادة والهجينة وفقاً لاسس وراثية من جيل الاباء وهو الجيل الاول الى جيل الابناء وهو الجيل الثاني.
الهندسة الوراثية :
المقصود بها التحكم في وضع الجينات وترتيب صيغها الكيميائية فكاً (قطع الجينات عن بعضها البعض)، ووصلا ( وصل المادة الوراثية المضيفة بالجينات المتبرع بها ) ، وذلك باستخدام الطرق العلمية .
وترجـع جـذور الهندسة الوراثية إلى عام 1953 م عندما اكتشف العالمان : واطسون وكريك تركيب حمض DNA (الصبغة الوراثية ) حيث كان من المعروف أن خلية الإنسان تحتوي على 23 زوجا من الكروموسومات ، وكلها متشابهة ما عدا الزوج الجنسي ، فهو موجود على شكل كروموسومين X ،، Y
ويتكون كل كروموزوم من سلسلتين من حمض DNA تلتفان على بعضهما البعض بشكل حلزوني
الكروموسومات الجنسية :
وهي التي تحدد نوع الجنين حيث تكون الكروموسومات الجنسية الذكرية XY ،، وبالتالي فان الكروموسوم المتنحي Y هو المسئول عن تحديد الجنس.
والكروموسومات الجنسية الانثوية هي XX ,, وبالتالي لا علاقة للمرأة بتحديد نوع الجنس لعدم وجود كروموسوم متنحي.
الحمض النووي DNA :
عبارة عن مجموعة من النيوكليوتيدات مرتصة على شكل خيطين منها و تحمل المعلومات الوراثية وتتكون كل نيوكليوتيدة من :
مجموعة فوسفات ، وسكر خماسي , القواعد النيترووجينية ، وهي عبارة عن " الأدنين A ، والسايتوزينC ، والجوانين G ، والثايمين T ، بحيث ترتبط القواعد على الشكل التالي :
الثايمين يرتبط مع الأدنين T = A
و السايتوسين يرتبط مع الجوانين C = G يعد جريجور مندل واضع حجر الأساس لعلم الوراثة، و هو أول من توصل إلى نتائج ذات أهمية في هذا العلم. و في خلال فترة عمله مدرساً للفيزياء و الأحياء و التاريخ الطبيعي في مدرسة برون Brrunn الثانوية في تشيكو سلوفاكيا، كان مندل يزرع نبات البازلاء في حديقة الدير الذي يعيش فيه، بهدف البحث عن الكيفية التي يتم بها انتقال الصفات الوراثية من الآباء إلى الأبناء.
و في عام 1866 استطاع مندل توضيح نتائجه التي جمعها في السنوات السابقة، و لكنها أهملت حتى بداية عام 1900 حين إكتشف العلماء أهمية تلك التجارب بعد وفاته. و قد عمل مندل في وقت لم تكن الصبغيات أو إنقسام الخلايا قد عرفت بعد، و مع ذلك فقد أعطى تفسيرات تتطابق مع ما يتوافر حالياً من معلومات عن آلية التوارث، وقد استخدم مندل نبات البازلاء في تجاربه.
إختيار مندل لنبات البازيلاء
إختار مندل لنبتة البازيلاء لأسباب عديدة:
1. الزهرة خنثى، و هي من نوع Pisum sativum. إن هذا التركيب يتيح إجراء إجراء عمليتي التلقيح الذاتي عن طريق تغطية الأزهار بأكياس من الحرير، كما يتيح إجراء عملية التلقيح الخلطي بإزالة المتوك قبل إنفتاحها و تزويد ميسم الزهرة بحبوب لقاح من نبات آخر باستخدام ريشة ألوان.
2. وجود عدة أنواع من الصفات الوراثية المتضادة التي يمكن و يسهل ملاحظتها و دراستها. فمثلا تكون البذور مجعدة أو ملساء، و تكون السيقان طويلة أو قصيرة.
3. قصر دورة حيات هذه النبتة، مما مكّن مندل من الحصول على النتائج بشكل سريع.
4. سهولة زراعة نبات البازيلاء و جمع بذوره.
تجارب مندل
إتبع مندل المنهج العلمي في البحث و التجريب، و لتوضيح تجاربه:
1. زرع مندل عدداً من بذور البازيلاء أزهارها أرجوانية اللون، و ترك كل منها تلقح ذاتيا للحصول على سلالة نقية للصفة. ثم قام بإجراء التلقيح الخلطي، حيث نقل حبوب لقاح من متك نبات أرجواني الأزهار إلى مياسم نبات أبيض الأزهار، ثم عكس العملية و سمي هذين النباتين بالآباء P. و قد ضمن عملية التلقيح الخلطي بقطع أسدية النبات المنقول إليه حبوب اللقاح.
2. زرع البذور الناتجة من النباتات السابقة، فنمت هذه البذور، و وجد أن النباتات جميعها أفرد الجيل الأول F1، و كانت أرجوانية الأزهار.
3. لمعرفة ما حصل لصفة اللون الأبيض للأزهار، زرع بذور نباتات الجيل الأول، و سمح لها بالتلقيح الذاتي، فصل على 3/4 الجيل الناتج أزهارها أرجوانية، و الـ 1/4 الباقي أزهارها بيضاء، بنسبة عددية تقارب 3 أرجوانية : 1 بيضاء، و سميت النباتات الناتجة بأفراد الجيل الثاني F2.
4. قام مندل بإعادة الخطوات السابقة على الصفات الستة الأخرى، مثل لون القرون، و طول الساق، و لون البذور، إلخ. و كان يحصل على نتائج مماثلة في كل حالة بالنسبة لأفراد الجيل الأول، و الثاني، حيث كان يظهر في كل مرة صفة لأحد الأبوين في الجيل الأول و تختفي في الجيل الثاني. و سمّى الصفة التي تظهر بالصفة السائدة و الصفة التي إختفت بالصفة المتنحية.
كيف فسر مندل هذه النائج؟
وضع مندل مجموعة من مجموعة من الإفتراضات لتفسير النتائج التي توصل إليها:
1. إفترض مندل أن من يجعل نبات البازيلاء أرجواني الأزهار أو أبيض الأزهار يعتمد على عوامل على عوامل داخلية، سمّاها العوامل الوراثية، و هذه العوامل بالفهوم المعاصر هي الجينات التي تحملها الكروموسومات.
2. الصفة الوراثية التي يحددها عاملان (جينان) على الزوج الصبغي المتماثل، و رمز مندل للعامل السائد بحرف كبير، و للعامل المتنحي بحرف صغير، و عندما يكون هذان العاملان متشابهين فيقال عندها: إن الصفة متماثلة الجينات (نقية)، و عندما يكونان متخالفين يقال عندها إن الصفة الوراثية غير متماثلة الجينات (غير نقية).
3. عند إنتاج الغاميتات (حبوب اللقاح و البويضات) فإن العاملين الوراثيين في كل زوج من العوامل يجب أن ينفصلا بحيث يحتوي العرس ( Gamete )الواحد على عامل واحد لكل صفة. فإذا رمزنا للون الأزهار الأرجواني نقي الصفة بالحرقين PP فإن الاعراس تحتوي على عامل واحد فقط P أو p.
إن هذه الفروض قادات إلى قانون مندل الأول في الوراثة الذي يسمى قانون انعزال الصفات. و ينص على:
"زوج العوامل (الجينات) المتقابلة تنفصل عند تكوين الغاميتات في عملية الإنقسام الانتصافي ."
و ربما يتسائل البعض عن سبب إعطاء الرمز P في تجربة مندل لجين اللون الأرجواني للأزهار، و المرمز p لجين اللون الأبيض؟ لاحظ أن نباتات الجيل الأول ظهرت في تجربة مندل أرجوانية الأزهار على الرغم من الطراز الجيني لهذه الصفة Pp، و هذا يعني أن جين اللون الأرجواني لزهرة البازلاء P قد ستر و أختفي أثر جين اللون الأبيض، لذا يسمى الجين السائد، أما جين اللون الأبيض p الذي إختفى أثره عند التقائه مع الجين السائد فيسمى بالجين المتنحي .
و يلاحظ مما سبق أن الضفة الواحدة في نبات البازلاء يحددها زوج من الجينات، و هو الحال في عدد كبير من الصفات في كائنات حية أخرى. و لكن قد تتحدد بعض الصفات بأكثر من زوج من الجينات، كما في صفة الطول لدى الإنسان.
الصبغيات و العوامل الوراثية
عندما تم إختراع المجاهر المتقدمة الذي جاء ذلك بعد موت مندل، أصبح بالإمكان مشاهدة محتويات النواة بما فيها من صبغيات، و تم دراسة سلوك الصبغيات خلال الإنقسام الانتصافي ، الذي قاد إلى إستنتاج بأن هذه الصبغيات تعمل العوامل الوراثية التي وصفها مندل في تجاربه، حيث وجد أن:
• العوامل الوراثية تكون في أوزاج، و كذلك نجد أن الصبغيات تكون في أزواج متماثلة في المرحلة الأولى من الإنقسام الانتصافي .
• العوامل الوراثية تنفصل عن بعضها عند تكوين الأعراس بحيث يحتوي العرس على عامل واحد فقط من زوج العوامل، و كذلك الأعراس تحتوي على نصف العدد الأصيل من الصبغيات فالصبغيات المتماثلة تنفصل خلال عملية الإنقسام المنصف.
• عدد العوامل الوراثية و كذلك عدد الصبغيات يعود للإكتمال عند حدوث الإخصاب، أي عند اتحاد العرس الذكري و العرسالأنثوي.
إن هذه الأمور الثلاثة برهنت أن الصبغيات تتصرف كالعوامل الوراثية التي وصفها مندل. و قد تبين للعلماء بعد ذلك أن هذه الصبغيات تحوي الكثير من العوامل التي سميت بالجينات. و يعد الجين وحدة وراثية، و بشكل جزءاً من الـ DNA، و يكون مسؤولاً عن صفة وراثية معينة.
ملاحظات
• عندما كان مندل يلقح نباتين لدراسة صفة معينة كان يهمل باقي الصفات، فمثلا، عندما كان يدرس لون القرون كان يهمل طول الساق و شكل البذور و غيرها من الصفات، مما ساعد في التوصل إلى قانون الوراثة الأول.
• وجود جينين متضادين متقابلين محمولين على صبغيين متماثلين لنفس الصفة تسمى الجينات المتضادة و كل جين يسمى بـ "أليلِ" بالإنجليزية "Allele" للجين المقابل له، فمثلا في الطراز الجيني Pp يكون جين اللون الأرجواني P أليل لجين اللون الأبيض p و العكس صحيح.
• العالم مورغان أجرى دراسة في جامعة كولومبيا عام 1900 قدم فيها أول دليل على أن العوامل الوراثية التي سماها جينات هي أجزاء من الصبغيات ، و سمى نظريته بنظرية الكروموسومات في الوراثة. و قد حاز نتيجة لذلك على جائزة نوبل عام